تحليل فقرة كريستوفر روس حول الصحراء الشرقية المغربية
في مقالٍ للمبعوث الأممي الأسبق لملف الصحراء الغربية المغربية كريستوفر روس — ورغم انحيازه النسبي في رأيه للرواية الجزائرية — فإنه فضح بوضوح الأسباب الحقيقية التي تدفع الجزائر إلى الدفاع عن الأطروحة الانفصالية. فبينما تحاول الجزائر باستمرار تبرير موقفها على أساس “مبدأ دعم تقرير المصير وحق الشعوب في الحرية”، وتربط هذا الادعاء بتاريخها في مقاومة الاستعمار الفرنسي، يكشف كريستوفر روس أن تلك السردية ما هي إلا غطاء سياسي يخفي دوافع جيوسياسية أعمق تتعلق بمخاوف الجزائر من الموقف المغربي التاريخي.
يوضح روس أن الجزائر تخشى المطالب المغربية المرتبطة بما يُعرف بالصحراء الشرقية، وهي المناطق التي كانت خاضعة تاريخيًا لسيادة السلطان المغربي قبل أن تقوم فرنسا سنة 1934 بضمها إلى الجزائر الفرنسية. وهنا، استخدم المبعوث الأممي عبارته الدقيقة «وبشكل أكثر تحديدًا» ليشير إلى هذا الجانب الجوهري، قائلاً بالحرف:
"للجزائر أسبابها الخاصة لدعمها القاطع لمساعي جبهة البوليساريو لإجراء استفتاء وتحقيق الاستقلال. وهذا يتوافق مع مسيرتها نحو الاستقلال عبر سنوات من النضال ضد فرنسا، ودعمها للتحرر الوطني وتقرير المصير كمبادئ عالمية.
وبشكل أكثر تحديدًا، يُسهم دعم استقلال الصحراء الغربية في مواجهة الخطاب السائد داخل الطبقة السياسية المغربية الذي يُطالب بالصحراء الشرقية، أي تلك الأجزاء من الصحراء التي كانت تاريخيًا جزءًا من ممتلكات السلطان، والتي نُقلت إلى الجزائر من قِبل حكامها الفرنسيين عام 1934.
وقد تسعى الجزائر أيضًا إلى إبقاء المغرب على الحياد في تنافسهما على التفوق الإقليمي والقاري. وكما يُقال عن الرئيس الراحل بومدين قوله ذات مرة: 'سأجعل الصحراء حصاة في حذاء المغرب'. إن الوجود العلني لإسرائيل في دعم المغرب على مدى السنوات القليلة الماضية يُعزز من عزم الجزائر."
هذه الفقرة ليست مجرد تحليل سياسي، بل شهادة موثّقة من مبعوث أممي سابق تعامل عن قرب مع الملف، وتكشف أن العمق الحقيقي للموقف الجزائري لا علاقة له بمبادئ تقرير المصير كما يُروَّج في خطابها الرسمي، بل هو مرتبط أساسًا بـالهاجس التاريخي من مطالبة المغرب بالصحراء الشرقية التي سُلبت منه خلال الحقبة الاستعمارية.
إن هذا الاعتراف الصريح من كريستوفر روس — حتى وإن جاء ضمن تحليل متوازن شكليًا — يؤكد أن جوهر الخلاف الجزائري مع المغرب ليس حول "حق الشعب الصحراوي"، بل حول حدود ما بعد الاستعمار ومخاوف الجزائر من استعادة المغرب لمناطق يعتبرها جزءًا من سيادته التاريخية. كما يبرز المقال كيف أن الجزائر، من خلال دعمها لجبهة البوليساريو، تحاول إبقاء النزاع مفتوحًا كورقة ضغط استراتيجية تُبقي المغرب منشغلاً عن توسعه الإقليمي وتطوره الاقتصادي في إفريقيا.
وبذلك، يُظهر المقال بجلاء أن ما يُسمّى “الحياد الجزائري” هو في الواقع انخراط مباشر في نزاع تاريخي ذي جذور استعمارية، هدفه الأساسي إضعاف النفوذ المغربي في المنطقة، وليس الدفاع عن أي مبدأ أممي. وهو ما يجعل شهادة كريستوفر روس، رغم نبرتها الدبلوماسية، وثيقة مهمة تُعزز القراءة المغربية لملف الصحراء وتؤكد الخلفيات السياسية الحقيقية وراء مواقف الجزائر.
